فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
{أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ}
يجوز في هذه الجملة وجهان:
أحدهما: أنَّها في محلِّ نصب بالقَوْلِ المتقدّم أي: قالوا: ما أغنى، وقالوا: أهؤلاء الذين أقسمتم زيادة تبكيت.
والثاني: أن تكون جملة مستقلّة غير داخلة في حيِّزِ القول، والمشار إليهم على القَوْلِ الأوَّلِ هم أهل الجَنَّة، والقائلون ذلك هم أهل الأعراف، والمقول لهم هم أهْلُ النَّارِ.
والمعنى: وقال أهل الأعَْافِ لأهل النَّارِ: أهؤلاء الذين في الجنَّةِ اليوم هم الذين كنتم تحلفون أنَّهُم لا يدخلون الجنة برحمة الله وفضله، ادخلوا الجنَّة أي: قالوا لهم، أو قيل لهم: ادخلوا الجنة.
وأمّا على القَوْلِ الثَّاني وهو الاستئناف، فاختلف في المشار إليه، فقيل: هم أهل الأعرافِ، والقائل ذلك ملك يأمره الله بهذا القَوْلِ، والمقول له هم أهْلُ النَّارِ.
وقيل: المُشَارُ إليهم هم هل الجنَّةِ، والقائل هم الملائكة، والمقول لهم أهل النار.
وقيل: المُشَارُ إليهم هم أهل الجنَّةِ، والقائل هم الملائكة، والمقول لهم هم أهل النار.
ووقوله: {ادخُلُوا الجَنَّةَ} من قول أهل الأعراف أيضًا أي: يرجعون فيخاطب بعضهم بعضًا، فيقولون: ادْخُلُوا الجَنَّةَ.
قال ابن الأنْبَارِي: إن قوله: {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة} من كلام أصحاب الأعْرَافِ، وقوله: {ادخُلُوا} من كلام الله تعالى، وذلك على إضْمَارِ قول أي: فقال لهم الله: ادخلوه ونظيره قوله تعالى: {يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ} [الشعراء: 35] فهذا من كلام الملأ، {فماذا تأمرون}؟ فهذا من فرعون أي: فقال: فَمَاذَا تأمرون؟ أي فيقولون: ادخلوا الجنة.
وقرأ الحسن، وابن سيرين: {أَدْخِلُوا الجَنَّةَ} أمرًا من أدخل وفيها تأويلان:
أحدهما: أنَّ المأمور بالإدخال الملائكة، أي: أدخلوا يا ملائكة هؤلاء، ثمَّ خاطب البَشَر بعد خطاب الملائكة، فقال: لا خَوفٌ عليكم، وتكون الجملة من قوله: {لاَ خَوْفٌ} لا محلَّ لها من الإعراب لاستئنافها.
والثاني: أنَّ المأمور بذلك هم أهل الأعراف، والتقدير: أدخلوا أنفسكم، فحذف المفعول في الوجهين.
ومثل هذه القراءة هنا قوله تعالى: {أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ} [غافر: 46] وستأتي إن شاء الله تعالى، إلاَّ أنَّ المفعول هناك مُصَرَّحٌ به في إحدى القراءتين.
والجملة من قوله: {لا خَوْفٌ} على هذا في محلّ نصب على الحال أي: أدخلوا أنفسكم غير خائفين.
وقرأ عكرمة {دَخَلوا} ماضيًا مبنيًّا للفاعل.
وطلحة وابن وثاب والنَّخَعِيُّ: {أدْخِلوا} مِنْ أدْخِل ماضيًا مبنيًا للمفعلو على الإخبار، وعلى هَاتَيْنِ، فالجملةُ المنفيَّةُ في محل نصب بقول مُقَدَّر، وذلك القول منصوب على الحَالِ، أي: مقولًا لهم: لا خوف. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآيتين:

قال عليه الرحمة:
{وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)}
ذلك ما يرون عليهم من غبار الرد وأمارات البعد، وهي مما لا يخفى على ذي عينين، فيقولون لهم: هل يُغْنِي عنكم ما ركنتم إليه من أباطيلكم، وسكنتم إليه من فاسد ظنونكم، وباطل تأويلكم؟ فشاهِدوا- اليومَ- تخصيص الحق لمن ظننتم أنهم ضعفاؤكم، وانظروا هل يغني عنكم الذين زعمتم أنهم أولياؤكم وشركاؤكم؟. اهـ.

.من فوائد الشوكاني في الآيات:

قال رحمه الله:
{ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين (44)} إلى قوله تعالى: {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون (49)}
مناداة أصحاب الجنة لأصحاب النار لم تكن لقصد الإخبار لهم بما نادوهم به، بل لقصد تبكيتهم وإيقاع الحسرة في قلوبهم، و{أن قد وجدنا} هو نفس النداء، أي إنا قد وصلنا إلى ما وعدنا الله به من النعيم، فهل وصلتم إلى ما وعدكم الله به من العذاب الأليم؟ والاستفهام هو للتقريع والتوبيخ.
وحذف مفعول وعد الثاني لكون الوعد لم يكن لهم بخصوصهم، بل لكل الناس كالبعث والحساب والعقاب.
وقيل حذف لإسقاط الكفار عن رتبة التشريف بالخطاب عند الوعد: {قالوا نعم} أي وجدنا ما وعدنا ربنا حقا.
وقرأ الأعمش والكسائي {نعم} بكسر العين.
قال مكي: من قال: {نعم} بكسر العين فكأنه أراد أن يفرق بين نعم التي جواب وبين نعم التي هي اسم للبقر والغنم والإبل.
والمؤذن: المنادي، أي فنادي مناد بينهم أي بين الفريقين؛ قيل: هو من الملائكة {أن لعنة الله على الظالمين} قرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، والبزي، بتشديد {أن} وهو الأصل.
وقرأ الباقون بالتخفيف على أنها المخففة من الثقيلة أو المفسرة.
وقرأ الأعمش بكسر همزة {إن} على إضمار القول، وجملة: {الذين يصدون عن سبيل الله} صفة للظالمين، ويجوز الرفع والنصب على إضمارهم، أو أعني.
والصد: المنع، أي يمنعون الناس عن سلوك سبيل الحق {ويبغونها عوجا} أي يطلبون اعوجاجها، أي ينفرون الناس عنها ويقدحون في استقامتها، بقولهم إنها غير حق وإن الحق ما هم فيه، والعوج بالكسر في المعاني والأعيان، ما لم يكن منتصبا، وبالفتح ما كان في المنتصب كالرمح، وجملة: {وهم بالآخرة كافرون} في محل نصب على الحال.
قوله: {وبينهما حجاب} أي بين الفريقين، أو بين الجنة والنار.
والحجاب هو السور المذكور في قوله تعالى: {فضرب بينهم بسور} [الحديد: 13].
قوله: {وعلى الأعراف رجال} الأعراف: جمع عرف، وهي شرفات السور المضروب بينهم، ومنه عرف الفرس وعرف الديك والأعراف في اللغة: المكان المرتفع، وهذا الكلام خارج مخرج المدح كما في قوله: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} [النور: 37].
وقد اختلف العلماء في أصحاب الأعراف من هم؟ فقيل هم الشهداء، ذكره القشيري وشرحبيل بن سعد.
وقيل: هم فضلاء المؤمنين، فرغوا من شغل أنفسهم وتفرغوا لمطالعة أحوال الناس ذكره مجاهد.
وقيل: هم قوم أنبياء، ذكره الزجاج.
وقيل: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، قاله ابن مسعود وحذيفة بن اليمان، وابن عباس والشعبي، والضحاك وسعيد بن جبير.
وقيل هم العباس وحمزة وعلي وجعفر الطيار، يعرفون محبيهم ببياض الوجوه، ومبغضيهم بسوادها، حكي ذلك عن ابن عباس؛ وقيل: هم عدول القيامة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم وهم في كل أمة، واختار هذا القول النحاس.
وقيل هم أولاد الزنا، روي ذلك عن ابن عباس.
وقيل: هم ملائكة موكلون بهذا السور، يميزون الكافرين من المؤمنين قبل إدخالهم الجنة والنار، ذكره أبو مجلز.
وجملة: {يعرفون كلا بسيماهم} صفة لرجال والسيما العلامة، أي يعرفون كلا من أهل الجنة والنار بعلاماتهم كبياض الوجوه وسوادها، أو مواضع الوضوء من المؤمنين، أو علامة يجعلها الله لكل فريق في ذلك الموقف، يعرف رجال الأعراف بها السعداء من الأشقياء.
{ونادوا أصحاب الجنة} أي نادى رجال الأعراف أصحاب الجنة حين رأوهم {أن سلام عليكم} أي نادوهم بقولهم سلام عليكم، تحية لهم وإكراما وتبشيرا، أو أخبروهم بسلامتهم من العذاب.
قوله: {لم يدخلوها وهم يطمعون} أي لم يدخل الجنة أصحاب الأعراف، والحال أنهم يطمعون في دخولها.
وقيل معنى: {يطمعون} يعلمون أنهم يدخلونها، وذلك معروف عند أهل اللغة، أي طمع بمعنى علم.
ذكره النحاس.
وهذا القول أعني كونهم أهل الأعراف مروي عن جماعة منهم ابن عباس وابن مسعود.
وقال أبو مجلز: هم أهل الجنة، أي أن أهل الأعراف قالوا لهم {سلام عليكم}، حال كون أهل الجنة لم يدخلوها والحال أنهم يطمعون في دخولها.
قوله: {وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار} أي إذا صرفت أبصار أهل الأعراف تلقاء أصحاب النار أي جهة أصحاب، وأصل معنى {تلقاء} جهة اللقاء، وهي جهة المقابلة، ولم يأت مصدر على تفعال بكسر أوله غير مصدرين، أحدهما هذا، والآخر تبيان.
وما عداهما بالفتح {قالوا} أي قال أهل الأعراف {ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين} سألوا الله أن لا يجعلهم منهم {ونادى أصحاب الأعراف رجالا} من الكفار {يعرفونهم بسيماهم} أي بعلاماتهم {قالوا} بدل من نادى {ما أغنى عنكم جمعكم} الذي كنتم تجمعون للصد عن سبيل الله، والاستفهام للتقريع والتوبيخ.
قوله: {وما كنتم تستكبرون}.
{ما} مصدرية، أي وما أغنى عنكم استكباركم {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة} هذا من كلام أصحاب الأعراف، أي قالوا للكفار مشيرين إلى المسلمين الذين صاروا إلى الجنة هذه المقالة.
وقد كان الكفار يقسمون في الدنيا عند رؤيتهم لضعفاء المسلمين بهذا القسم.
وهذا تبكيت للكفار وتحسير لهم.
قوله: {ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون} هذا تمام كلام أصحاب الأعراف، أي قالوا للمسلمين ادخلوا الجنة، فقد انتفى عنكم الخوف والحزن بعد الدخول.
وقرأ طلحة بن مصرف {أدخلوا} بكسر الخاء.
وقد أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله: {أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا} قال: من النعيم والكرامة {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا} قال: من الخزي والهوان والعذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقف على قليب بدر تلا هذه الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن السدي، في قوله: {وبينهما حجاب} قال: هو السور، وهو الأعراف، وإنما سمي الأعراف لأن أصحابه يعرفون الناس.